تقديم
إنّ غاية دراسة علم السياسة هي في تعلّم كيفية تنظيم البشر بشكل أفضل من أجل تحقيق السلام والسعادة في حياتهم إنها وجهة النظر المقبولة لدى علماء السياسة منذ وقت الكونفوشيوسية فمن أجل تحسين العالم، يجب على الفرد أن يحسّن البلد ؛ ومن أجل تحسين البلد، يجب على الفرد أن يحسّن الشعب، ومن أجل تحسين الشعب يتوجب تحسين الفرد فإذا استطاع الفرد إتقان نفسه، تتجه العائلة إلى الكمال ؛ ومن العائلة ينتقل التأثير الشعب ؛ ومن ثم من الشعب إلى البلد ككل ، ثم إلى العالم أجمعأولا : مفهوم الظاهرة السياسة
كموضوع مشترك بين العلوم السياسة وعلم السياسة الظاهرة
السياسية التي تدرسها العلوم السياسية أو علم السياسة هي كل ظاهرة تنجم عن تجمع انساني
وسلوك إنساني داخل المجتمع المنظم ، سواء كان المتحرك داخل هذا المجتمع فردا أو جماعة
أو مؤسسة أو بنية مجتمعية ، مع مراعاة التدافع بين هذه المكونات من أجل إقرار
أهداف مجتمعية مشتركة وضمان تدبير الخلاف الناجم عن تعارض الاهداف المختلفة
للفرقاء المجتمعيين.
النظرية
السياسية وتاريخ الافكار السياسية : النظرية السياسية تفسر ظواهر عالم السياسة بينما
تاريخ الافكار السياسية يدرس أفكار الفلاسفة والمفكرين المسهمين في علم السياسة.
النظم
السياسية : وتهتم بالنظم الدستورية والمؤسسات السياسية وأنظمة الحكم المركزية والمحلية.
الاحزاب السياسية والرأي العام :
واللذان
يمارسان نوعا من السلطة غير المباشرة ، لكنها تدخل في إطار نوع من الفعل السياسي
الذي يصنع الظاهرة السياسية ، ينضاف إلى ذلك المشاركة السياسية للمواطن وحقه في
المواطنة وإدارة الشأن العام واتخاذ القرار السياسي. العلاقات الدولية : وهي لب
الظاهرة السياسية فالمجتمع الدولي مسرح ضخم لدراسة الظاهرة السياسية وتحليل مستوى
الصراع على السلطة في العلاقات الدولية الذي يفوق مستوى الصراع على السلطة في
المجتمعات الداخلية ، وهنا نتحدث عن القانون الدولي والذي له ارتباط قوي بالعلاقات
الدولية وعلم السياسة .
مفهوم العلوم السياسية
تتناول العلوم السياسية بالدراسة والتحليل الأنماط المختلفة للحكومات والأحزاب وجماعات الضغط والانتخابات والعلاقات الدولية والإدارة العامة تنطوي هذه الأنشطة في إطارها الفردي والجماعي على علاقات إنسانية أساسية إضافة لهذا، يهتم هذا العلم بدراسة القيم الأساسية، مثل المساواة والحرية والعدالة والسلطة.ترتبط العلوم السياسية ارتباطًا وثيقًا بالعلوم الأخرى، مثل الاقتصاد والتاريخ والقانون والفلسفة والاجتماع.
فالعلوم الاقتصادية تتناول المسائل المتعلقة بالتحكم والسيطرة على الموارد المادية، مثل تبادل السلع والخدمات التي تؤثر تأثيرًا مباشرًا على هياكل القوى السياسية ، وهذه تؤثر بدورها في السياسة الداخلية والعلاقات الدولية.
أما التاريخ فذو صلة وثيقة بعلوم السياسة؛ لأن الحوادث التاريخية تعد مادة أولية لابد للباحث السياسي من الإحاطة بها.
ويقدم القانون الإطار الفكري الذي يرتكز عليه عالم السياسة في التحليل.
وتربط
فلسفة العلوم السياسة بالعلوم الأخرى، كما يزود علم الاجتماع الباحث السياسي
بمختلف جوانب التطور الاجتماعي ذات الأثر المباشر على الحياة السياسية.
ارتبطت
أهمية دراسة العلوم السياسية في الأزمنة الحديثة بصعود نجم الديمقراطية وانتشارها نظامًا
للحكم؛ فالعلوم السياسية تؤدي دورًا مهمًا في تحليل العمليات الحكومية، حيث يناط
بعالم السياسة دراسة وتحليل عمليات الأجهزة الحكومية.
كما
ينصب الاهتمام في هذا الصدد على الإحاطة بالحقائق الأساسية المتعلقة بالحكومة، مما
يُمكّن من تقويم الأداء الحكومي وإصلاحه.
مجالات
العلوم السياسية
النظرية السياسية والفلسفة
يستخدم علماء السياسة المدخل التاريخي في دراسة هذين الميدانين حيث يرى معظمهم أن تاريخ الفكر السياسي والفلسفة، يشكلان المنبع الأساسي الذي يجب أن تنهل منه الدراسات السياسية وتشمل قائمة المصادر لهذا العلم مؤلفات علماء غربيين مثل : أفلاطون وأرسطو وشيشرون وتوما الأكويني والقديس أوغسطين ونيقولو مكيافللي وتوماس هوبز وجان جاك روسو وجون لوك ومونتسكيو وإيمانويل كانط وهيجل وكارل ماركس وجون ستيوارت ميل . كما تشمل مؤلفات المفكرين الإسلاميين مثل الفارابي والماوردي والإمام الغزالي والإمام ابن تيمية وابن خلدون. وتمكّن هذه المصادر الكلاسيكية الباحثين في العلوم السياسية من التعمق في قضايا السياسة ، بحيث يستطيعون الوصول إلى تعميمات صحيحة ودقيقة ترتكز على حقائق ثابتة، تتناول شتى الموضوعات، مثل كيفية الوصول إلى السلطة والأسباب المفضية إلى انهيارها.علم السياسة المقارن
يرتكز فهم الحقائق والممارسات السياسية في المقام الأول على مقارنة المؤسسات والممارسات السياسية في قطرين أو أكثر . ويتخصص بعض علماء علم السياسة المقارن في مجموعة من النظريات السياسية مثل نظريات التحديث والتنمية والبنيوية، والثقافات، والتبعية وتطبيقها منهجيًا على دول أو مناطق يختارها الباحث.العلاقات الدولية
يشمل هذا الفرع دراسة الدبلوماسية والقانون الدولي والمنظمات الدولية والمحركات والمؤثرات التي لها أثر مباشر أو غير مباشر في صنع السياسة الدولية . وقد ركز العلماء منذ عام 1945م على دراسة الأمم المتحدة وفي الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين تركز اهتمام المتخصصين على دراسة الصين والبلدان النامية في إفريقيا وأمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية والشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا. كما أصبحت التيارات الفكرية المعاصرة التي تشمل الإمبريالية والوطنية، موضوعات مهمة في دراسة العلاقات الدولية كما تناول هذا الفرع من العلوم السياسية دراسة السياسات الدفاعية، والمشكلات المتعلقة بالسلم والحرب إضافة لذلك قام علماء السياسة بدراسة أثر الضغوط الاقتصادية على العلاقات الدولية.الحكومات الوطنية والعلوم السياسية
يعد هذا الفرع من المجالات التي يوليها علماء السياسة اهتمامًا خاصًا يفوق اهتمامهم بدراسة الحكومات الأخرى ، ويُعزى هذا الأمر لإدراكهم أهمية دراسة حكوماتهم الوطنية وتطورها.الإدارة العامة
تعد الإدارة العامة فرعًا أو جزءًا من دراسة علم السياسة المقارن والشؤون السياسية الداخلية ويعزى استقلال الإدارة العامة عن ميادين العلوم السياسية إلى اتساع وتعقد أنشطة الإدارة الحكومية المعاصرة . وتتناول الإدارة العامة بالدراسة عدة موضوعات مثل : واجبات الموظفين العموميين والمحاسبة، وإدارة شؤون الأفراد ، وهناك تعاون وثيق بين الموظفين العموميين وعلماء السياسة من المتخصصين في الإدارة حيث يقوم هؤلاء الخبراء بدراسة الإدارات المختلفة للحكومات الوطنية، كما يحللون مدى تأثير التنظيمات والسياسات الداخلية للدوائر الحكومية في الإسهام أو إعاقة تطبيق القرارت والبرامج الحكومية.السلوك السياسي
يحاول الدارسون في هذا الحقل معرفة كيفية استجابة الجمهور لبعض المؤثرات السياسية ويمكن الاستشهاد في هذا الصدد بمحاولات بعض علماء السياسة إحصاء عدد الناخبين الذين كان معيارهم لاختيار المرشح حسن المظهر الذي بدا به عندما خاطبهم عبر جهاز التلفاز .وتعكس الدراسات
السلوكية التيارات الجديدة في دراسات العلوم السياسية التي تأثرت بالإسهامات والتطورات
في مجال العلوم السلوكية، مثل علم دراسة الإنسان (الأنثروبولوجيا)، وعلم النفس والاجتماع
.
أهمية علم السياسة
تعتبر دراسة السياسة مهمة هائلة لكنها أيضاً ممتعة ، فالسياسة عالم من التعقيدات الواسعة، والأسئلة اللامحدودة ، ولنتأمل الأحداث السياسية السنوات الاخيرة الماضية فقد سقط الاتحاد السوفياتي وتوحدت أوروبا وتم القضاء على نظام التمييز العنصري في جنوب افريقيا وحدثت ثورات في الدول العربية وصعدت دول الشرق لتنافس دول الغرب . لذلك فقد كان أرسطو واضع أسس علم السياسة محقا عندما أطلق على علم السياسة سيد العلوم ، وهو كان يعني بذلك أن كل شيء تقريباً يحدث ضمن إطار سياسي ، ذلك لأن قرارات دولة مدينة أثينا التي عاش فيها كانت تتحكم في معظم جوانب الحياة.يمكن أن نتحدث أيضا عن فوائد أخرى لدراسة علم السياسة وهي :
الإعداد العلمي والمهني لشغر الوظائف العليا في الدولة.
تنمية المهارات السياسية للأفراد وبالذات تلك المتصلة بصنع القرار ومهارات التفاوض وفن التعامل مع الناس. تلك المهارات مهمة للأفراد بغض النظر عن الحقل الذي سيعملون فيه عند التخرج.
التمييز بين السياسة كعلم وفن ومبادئ وأخلاق وبين السلوك السياسي الذي قد يتطلب الإصلاح.
ذاتية علم السياسة وموضوعه
سؤال الماهية يبحث في الحقيقة الشمولية للشيء ، أما سؤال الذاتية فيبحث في حقيقة الشيء واقعيا عند عرضنه على البحث العلمي . وباعتبار علم السياسة مهووس بتأكيد علميته يطرح سؤال الذاتية والماهية والمطلوب عدم تغليب أحد المفهومين على الأخرأولا : تعريف العلم
العلم هو نشاط معرفي خاص ، يقتسم مجمل أصناف المعرفة العلمية ، كمعرفة منظمة وموضوعية تنسج بين الظواهر علاقات كونية ضرورية ومنتظمة تسمح بتنبأ النتائج والتحكم فيها عن طريق التجربة العلمية ، فالمعرفة العلمية اذن معرفة منظمة ثم موضوعية ، منظمة بمعنى أنها تننتظم فيها معلومات الباحث العلمي وفق إطار مفاهيمي منسق ومنتظم يساعد على الاقتراب من الظاهرة ، وموضوعية حيث أنها تخضع للمنهج العلمي والتجربة التي لا دخل للباحث فيهاثانيا : تعريف السياسة
عرفها قاموس ليتره الصادر سنة 1870 بأنها علم حكم الدول ، وعرفها قاموس روبير الصادر سنة 1962 بأنها فن حكم المجتمعات الانسانية ، وعرفها قاموس كاسل بأنها الظاهرة التي ترتبط بالحكم والادارة ، أما قاموس لسان العرب فقد عرفها بأنها القيام بالامر وما يصلحهوإذا ما عدنا إلى مفهوم السياسة فنجد أنها تعني في اللغة ساس يسوس أي يتصرف في معالجة الأمور ، فالمعنى الحرفي بالعربية لكلمة سياسة تستخدم للحيوان بمعنى روض ودرب ، وللإنسان تستخدم بمعنى تولى أمور الناس بما يصلح دنياهم وأخراهم.
أما تعريفها كعلم فهي مصطلح علمي معقد له تعريفات عديدة تتضمن جوانب كثيرة، أهمها:
العلاقات الاجتماعية التي تشمل السلطة والحكم، كالعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وعلاقة الدولة بجيرانها، والعلاقة بين الحكومة والأحزاب السياسية، والعلاقة بين الأحزاب السياسية...
- الدراسات المتعلقة بالحكومة والمكونات السياسية الأخرى للدولة كالأحزاب السياسية والنظام السياسي والدستور والعلاقات الدولية...
- الوظيفة المتعلقة بالحكم و الشؤون السياسية، كالرئيس أو الوزير أو النائب...
- وجهات النظر المتعلقة بالمسائل السياسية
إذن هناك اتجاهين رئيسين في تعريف علم السياسة .
- الاتجاه
الأول : يعرفها بأنها "علم الدولة" أي ذلك العلم الذي يدرس الدولة :
مفهومها ، تنظيمها مؤسساتها ، تشكيلاتها ، ممارستها ، وسياساتها .
- الاتجاه الثاني : يعرفها بأنها "علم السلطة" أي ذلك العلم الذي يدرس السلطة باعتبارها مفهوماً لعلاقات مبنية علي أساس التفاوت والاختلاف والصراع ، مما يتطلب وجود حقوق وواجبات والتزامات واختلافات الأمر الذي يفرض وجود سلطة
جدلية السلطة والدولة
يخلط عامة الناس بين السلطة والدولة، حيث يعتقدون ان السلطة هي الدولة، لكن الحقيقة أن هناك فرق شاسعا بين المفهومين، فالدولة لها اركان ثابتة دائمة اما السلطة فهي زائلة ومتحركة. الدولة تقوم على ثوابت ثلاثة، الارض والشعب وقانون أساسي ينظم السلوكيات والعلاقات، بينما تكون السلطة الادارة القانونية للدولة، اي ان السلطة ما هي الا آلة تسير أمور الدولة بموجب الدستور والقوانين التي تسن من البرلمانأولا : السياسة كعلم لدراسة السلطة
الانطباع المبدئي لدى الانسان العادي هو أن السياسة هي السلطة السياسية ، والسلطة توجد فعلا دائما في قلب السياسي ، لكن لا يمكن فهمها إلا بوصفها معطى واقعي من خلال العلاقات التي تنسجها السلطة بين من يتولونها ومجموع البنية السياسية والمجتمعية التي تمارس في إطارهما هذه السلطة . وترتبط هذه المدرسة ارتباطا عضويا بالمدرسة الحديثة ويمثل التعريف الذي تقدمه إضافة الى تلك المدرسة من حيث الوضوح وتضييق مجال الدراسة فيقول على أنها عملية صنع القرار. حيث تركز هذه المدرسة على : -1 خطوات صنع القرار -2 المؤسسات المعنية بصنع القرار ، 3- دور القادة واختياراتهم ، 4 نوع القرارات المتخذةالمستوى القانوني في فهم السلطة
- السلطة كآلية تنفيذ لصلاحيات قانونية أسندت إلى أصحابها بشكل قانوني.
- تزاوج مفهوم السلطة مع مفهوم الشرعية .
المستوى العلمي في فهم السلطة
يمكن الاستعانة هنا بنموذج بايشلر الذي يقارب هنا السلطة من خلال ثلاث حقول دلالية :- الحقل الدلالي الأول : يقارب السلطة من جانب القوة كمنطق موضوعي للسلطة ، فالسلطة ترتبط
بالقوة وكأنها شرط أساسي للدلالة على وجودها . وهنا نجد صاحب قوة ماسكا بالسلطة ومهددا
باستعمالها بينما هناك عنصر الخوف من جانب من تمارس عليه السلطة .
- الحقل الدلالي الثاني : يقارب السلطة من جانبها التأثيري ، فنكون بصدد كاريزما قوية تمارس تأثيرا على طرف آخر يتميز بالرضا والقبول ، وهنا نتحدث عن الحرمان كجزاء لمن يخرج عن طوع السلطة أو يتمرد ضدها
- الحقل الدلالي الثالث : يقارب السلطة من جانبها السياسي ، فتستمد السلطة قوتها من الشرعية
القانونية ، بينما الخاضع يتميز بالموافقة ، والجزاء المترتب عن الانشقاق هو
الاقصاء .
- السلطة الرادعة : القائمة على العقاب على من لا يطيع
- السلطة المكافئة : التي توزع الموارد توزيعا سلطويا
- السلطة المُقنعة : فتعتمد على الاقناع وهي الاقوى تأثيرا
المستوى الواقعي في فهم السلطة
نتحدث
هنا تعني مراقبة أفراد من قبل شخص واحد ، فهي علاقة نفسية بين طرفين تتم عن طريق
توجيه الاوامر أو التهديد باستعمال العنف أو امتثالا لشخصية لها كريزما معينة ،
بمعنى أن ممارسة السلطة هنا تتم كأنها ظاهرة اجتماعية سيكولوجية ترتبط بممارسة
التأثير على الآخرين وإخضاعهم طوعا أو كرها ، لكن هذه الممارسة تتم بناء حيازة
صاحب السلطة لمصادر التأثير والاخضاع والتي توجد على مستويين ، الأول مستوى مادي
ويختزل مختلف عناصر القوة من وسائل الردع والاكراه المادي ، والمستوى الثاني هو
مستوى الاقناع ، فبعد عملية التهديد و عملية الاقناع تحصل علاقة سلطة
وعليه
فالسلطة في هذا المستوى الواقعي تمارس عبر أوامر تنفذ في مجال ترابي معين ومحدد عن
طريق نظام إداري يحتكر أدوات العنف
ثانيا : السياسة كعلم لدراسة الدولة
هذا القول يسمح به اعتراف رواد نظرية السلطة الذين يعترفون بأن السلطة تبلغ في الدولة أبهى صورها ، فالسلطة في إطار دولة تكون في أقوى تمظهراتها وأغلب النظريات التي تقول بأن السياسة هل علم دراسة الدولة تستند إلى الفلسفة الارسطية وبالضبط كتاب السياسة لأرسطو ، فالسياسي هو كل من له علاقة بالدولة ، وأغلب النظريات الحديثة لم تحمل جديدا خارجا عن تصورات أرسطو للدولة المدينة التي لم يكن إي إدراك للسياسة خارج نطاقها ، هكذا ظهرت الدولة الليبيرالية التي عوضت دولة المدينة عند اليونان وأصبحت الدولة القومية أرقى شكل من التفكير السياسي عرفه الانسان الاوروبي خلال القرن 16ذاتية علم السياسة
اذا كانت الدراسة العلمية للظاهرة السياسية لا تستقيم منهجيا دون تحريرها من المعيارية والاخلاق والايديولوجيا فإن مبدأ النسبية والقطع مع الاحكام المطلقة يفرض تعريض مجمل تساؤلاتنا عن حدود التداخل بين مختلف العلوم الاجتماعية وعلم السياسة .اولا : علاقة علم السياسة بالفلسفة السياسية
هناك فرق كبير بين علم السياسة والفلسفة السياسية، فعلم السياسة علم وصفي تحليـل يقوم فيه عالم السياسة بوصف النظم السياسية المختلفة وتحليل الفروقات بينها في ضوء ما يعرفه عن الحكومات وأنواعها وسلطات الدولة المختلفة وعلاقتها ببعضها البعض ؛ فهذا نظام سياسي رئاسي وهذا نظام برلماني وهذا نظام يجمع بين هذا وذاك. فباختلاف بيئات البشر وتجاربهم في إنشاء مدنهم وتطورها تختلف طبيعة النظام السياسي لكل منها، فبعضها تعود على الحكم الملكي وبعضها يميل إلى الحكم الرئاسي الديمقراطي، وبعضها يفضل حكم القلة والآخرون يفضلون حكم الفرد وإن كانت الأغلبية من البشر تفضل حكم الشعب بالشعب للشعب فعالم السياسة وظيفته تحليل هذه النظم السياسية كما صنعها أصحابها ويقارن بينها محاولاً الوصول إلى أكثر الصيغ ملاءمة للارتقاء بحياة البشرأما فيلسوف السياسة فهو يتجاوز الوصف والتحليل والتفسير إلى رسم صورة لما ينبغي أن يكون عليه حال الدولة. إنه يحاول وضع مثال للدولة ولنظامها السياسي بصرف النظر عما يجري في الواقع وإن كان يضعه في اعتباره حين التحليل ووضع المثال إن علم السياسة يختلف عن فلسفة السياسة اختلاف العلم عن الفلسفة عموماً؛ فالعلم دراسة وصفية تجريبية بينما الفلسفة دراسة معيارية العلم دراسة لما هو كائن، والفلسفة تصور لما ينبغي أن يكون. العلم يدرس الجزئيات والفلسفة دراسة للكليات نتائج العلم تتسم بالضبط والدقة وهناك معايير لقياسها والتأكد من صحتها، بينما لا يملك الفيلسوف إلا الحجج العقلية التي يمكن أن يؤكد من خلالها صدق تصوراته. ومع ذلك فإن المذاهب الفلسفية حتى في فلسفة السياسة تعلو فوق الزمان والمكان ويمكن أن يستفاد بها في أي عصر لأنها وبحسب طبيعتها تركز على ما هو جوهري في حياة الإنسان السياسية؛ فما من إنسان إلا ويرغب في أن يعيش حياته السياسية والاجتماعية شاعراً بالحرية ومتمتعاً بالعدالة وهذا هو حلم الفلاسفة في أي مجتمع سياسي مثالي ينشدونه.
مفهوم القطيعة الابستيمولوجية
هو مفهوم محوري في الفلسفة الباشلارية نسبة إلى الفيلسوف الفرنسي باشلار ، المعروف بفلسفة القطيعة الابستيمولوجية ، وقد اهتدى إلى بلورة هذا المفهوم عبر تحليله للمعرفة العلمية مستنتجا منها أنها معرفة متأثرة باللاشعور والكبت وغيرها من الاعتبارات النفسية . ومن أجل تخليص المعرفة العلمية من هذه العوارض النفسية حاول باشلار أن يتخذ موقفا وسطا بين العقلانية المثالية الغارقة في التأمل والانساق الفلسفية والمبادئ القبلية وبين التجريبية المثالية الغارقة في الحس والواقع والمناهج العلمية ، وعليه سما باشلار فلسفته بالعقلانية التطبيقية التي عنون بها كتابة سنة 1948 هذه الفلسفة تقوم على التوفيق بين العقل والتجربة ، و راج منذئذ مفهوم القطيعة الابيستيمولوجية .هنا نلاحظ الفرق الجوهري بين الفلسفة السياسية وعلم السياسة والتي يمكن إجمالها في :
- على مستوى الموضوع : الفلسفة السياسية لا تعالج فقط الواقع السياسي بل تتطرق إلى الاخلاق والعرف إضافة إلى أنها تقدم ما يسمى ما وراء النظرية أو نظرية النظرية
- على مستوى المجال : الفلسفة السياسية تنبري لبناء نظريات استكشافية شاملة في السياسة ولا تتطرق الى شرح اسباب واقعة سياسية معينة
- على مستوى المعايير : العلم يتصف بالثبات أما الفلسفة فلا ، فالفلسفة كالفكر القانوني عندما يكون بدون اجتهاد قضائي يعطيه دلالاته التطبيقية العملية .
ثانيا : علاقة علم السياسة بالموضوعية العلمية
الموضوعية العلمية التي يروم علم السياسة تحقيقها تصطدم بالتأثيرات الاجتماعية المتقلبة وبالاسقاطات الذاتية للباحث ولا يمكن التجرد منها بشكل مطلق لتحقيق النقاء العلمي الموضوعي في دراسة الظاهرة السياسية ، والتاثيرات الاجتماعية ترتبط بأخلاق المجتمع والسلوكات السائدة فيه لذلك يصعب التخلص منها ، كما أن الظاهرة السياسية تستبعد الاخلاق وتقلص من رأي علماء السياسيين المحايدين ، فلا تجد إلا الاستقطاب السياسي ، فتصبح السياسة لعبة ، لا تتدخل فيها سوى البنيات السياسية والمؤسسات والاشخاص السياسية ، بحيث يكون الكل فاقدا لخصائصه الذاتية النوعية ، أما الدراسة للظاهرة السياسية العلمية الموضوعية فيجب قبل دراستها تشییئها ودراستها على اعتبار أنها أشياء من الاشياء وتجريدها ما أمكنثالثا : علاقة علم السياسة بالأحكام السياسية العامة
الأحكام هي القيم العامة التي على اساسها تقع ردود الافعال ، و وجود الاحكام في النشاط السياسي لم يعد مشكلة ، بل مشكلة الاحكام في علم السياسة مرتبطة بمسألة وجود أدوات قياس هذه الاحكام ، حيث يتطلب الأمر تصنيف جميع القيم الممكنة التي يتحرك الانسان على ضوئها .رابعا : علاقة علم السياسة وعلم الاقتصاد
هناك علاقة وطيدة بين علمي السياسة والاقتصاد ناتجة عن التداخل الواضح بين الأوضاع السياسية والاقتصادية ، حيث يوجد تأثير متبادل بينهما ، فمثلا نجد أن هناك علاقة ارتباط بين كيفية توزيع الدخل (وضع اقتصادي والاستقرار السياسي داخل المجتمع(وضع سياسي). كذلك نجد أن الثورات الكبرى كالثورة الفرنسية (1789) والثورة الروسية (1917) جاءت على إثر أوضاع اقتصادية غير صحية انتشار) الفقر والجوع وعدم عدالة التوزيع). أيضا نجد أن المحرك الأساسي للاستعمار الذي هو ظاهرة سياسية كان سعي القوى الاستعمارية الأوربية إلي الحصول على مصادر رخيصة للمواد الخام ، وفتح أسواق جديدة لتصريف منتجاتها الفائضة عوامل اقتصادية ، كذلك فموضوعات الثروة والدخل وأوضاع الطبقة العاملة وسياسات توزیع الدخل والضرائب كلها موضوعات اقتصادية لكنها محل اهتمام علم السياسة في ذات الوقت ، كما أن السياسات الاقتصادية توضع من جانب الساسة .خامسا : علم السياسة وعلم الاجتماع
هناك ارتباط قوي بين علمي السياسة والاجتماع ، ويرجع ذلك إلي الارتباط القوي بين الأوضاع الاجتماعية والأوضاع السياسية للمجتمع ، فمثلا البناء الاجتماعي السليم للمجتمع (طبقة غنية قليلة العدد طبقة وسطى ضخمة طبقة فقيرة قليلة (العدد ينعكس إيجابيا على الاستقرار السياسي للمجتمع والعكس صحيح ، فالتفاوت الطبقي الحاد (تضخم الطبقة الفقيرة وتآكل الطبقة الوسطى) يؤدي إلي زعزعة الاستقرار السياسي للمجتمع. كذلك هناك موضوع مثل التنشئة السياسية للفرد هو محل اهتمام مشترك لعلمي السياسة والاجتماع ، فالتنشئة السياسية هي العملية التي من خلالها يكتسب الفرد معارفه وتوجهاته وآرائه وأفكاره السياسية ، وهي عملية تراكمية تتم خلال سنوات عديدة من عمر الفرد ومن خلال مجموعة من المؤسسات الاجتماعية مثل الأسرة والمدرسة ودار العبادة والحزب والجامعة وغيرها.سادسا : علم السياسة والأنثربولوجيا
يعرف الأنثربولوجيا بعلم الإنسان ، وهو يهتم بدراسة الأجناس البشرية وتطورها ، لذلك فهو يرتبط بعلم السياسة نظرا لأن الاختلاف بين الأجناس على مر الأزمان كان محركا للصراع السياسي ، من هنا فإن دراسة الأقليات والجماعات العرقية هو محل اهتمام مشترك لعلمي السياسة والأنثربولوجيا ، وكذلك الحال بالنسبة لموضوع التفرقة العنصرية (مثل حالة جنوب أفريقيا حيث استعلاء الأقلية الأوربية البيضاء على الأغلبية السوداء) فهو موضوع طالما انصب عليه اهتمام علماء السياسة كما تناولته الأبحاث الأنثربولوجيةسابعا : العلاقة بين علم السياسة والتاريخ
يقدم التاريخ لعالم السياسة سجلا غنيا بالمعلومات والبيانات الخاصة بالواقع السياسي يمكن الإفادة منها في صياغة قواعد علمية عامة تستخدم في فهم وتحليل وتفسير ذلك الواقع ، ومن هنا فالارتباط قوي بين علم السياسة والتاريخ فلا غنى لكليهما عن الآخر ، ولعل خير تعبير عن ذلك مقولة " علم السياسة بلا تاريخ كنبات بلا جذور والتاريخ بدون علم السياسة كنبات بلا ثمر."ثامنا : العلاقة بين علم السياسة والقانون
وجود فرع رئيسي من فروع علم السياسة يعتمد في دراسته على المنهج القانوني وهو القانون الدستوريالقانون الدولي كذلك يعتبر فرعا مشتركا بين المعارف السياسية والقانونية ، حيث ينصب على دراسة العلاقات السياسية الدولية بمنهج قانوني
موضوع نظرية الدولة هو أيضا من الموضوعات
المشتركة التي يهتم بها علماء السياسة
وفقهاء
القانون ، باعتبار أن الدولة هي مجتمع سياسي يسوده القانون
موضوع شرعية السلطة والتي تعني مدى دستورية السلطة ، أي مدى التزامها بالقانون فهي شرعية طالما التزمت بالقانون والعكس صحيح.
تاسعا : علم السياسة وعلم النفس
يعتبر علم النفس كذلك من العلوم التي تتداخل معرفيا مع علم السياسة ، وهناك
فرع مشترك بين العلمين يعرف بعلم النفس
السياسي وهو يهتم بدراسة تأثير العوامل النفسية على السلوك السياسي للأفراد فمثلا يقال إن العصبيين (نفسيا) لا
يطيقون الجور السياسي ودائما ما يتصف سلوكهم السياسي بالتهور.
وقد حاول البعض تفسير السلوك السياسي لبعض القادة التاريخيين استنادا إلي ظروفهم النفسية، فمثلا يقال إن السلوك
التوسعي العدواني لكل من نابليون وهتلر وموسوليني يرجع إلي عقدة
نفسية لديهم أساسها لأنهم كانوا قصار القامة، وبالتالي حسب الرأي فقد انعكست هذه العقدة على سلوكهم السياسي عندما
أصبحوا قادة لدولهم، فشرعوا في غزو الشعوب الأخرى لإثبات
ذواتهم والتخلص من مركب النقص.
تعليقات
إرسال تعليق