القائمة الرئيسية

الصفحات

تقديم :

الشريعة الاسلامية بمعناها العام دليل الدين الكُلي، حيث يُطلق هذا المسمى على جملة الأحكام والأوامر والنواهي التي شرعها الله عز وجل على عباده المؤمنين، ليقدم لهم في ذلك منهجاً واضحاً لكل ما أحله وكل ما حرمه ونهى عنه. قال الله عز وجل في محكم تنزيله : " ثمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ"،
  • أولا : التعريف اللغوي
الشرع لغة مصدر شرع بالتخفيف ، ومصدر شرع بالتشديد ، ويراد بها الطريق المستقيم لأن لفظ شرع يدل على الاظهار والبيان ، قال تعالى إنا جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ، وقال تعالى : " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا "، والمعنى هنا هو السبيل والسنة أي الطريقة التي تسن بها الأحكام . قال تعالى : " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " ومعنى الآية أن التشريع من اختصاص الله لأنه الحاكم بالحق وغيره باطل إن كلمة الشريعة في اللغة مشتقة من فعل شَرَعَ أي أمر وحدد وأحل أو أمر وحدد ومنع، وقد أُطلق هذا الاسم على مورد المياه أي الماء الجاري الظاهر للناس، ويُشير بشكل دقيق إلى المكان الذي انساب وانحدر منه الماء، وشرعت الإبل أي جاءت أو حضرت إلى مكان الماء أو مورده، كما سُميت الأرض الواضحة أو الطريق الواضح والمستقيم بهذا الاسم، أي أن هذا المصطلح يدل على كل ما هو محدد وواضح خال من الغموض.
  • ثانيا : التعريف الاصطلاحي
هي ما شرعه الله لعباده من العقائد والعبادات والاخلاق التي جاء بها رسله ، قال ابن حزم هي ما شرعه الله على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام ، فشريعة الله هي المنهج الحق المستقيم الذي يصون الانسانية من الزيغ والانحراف والوقوع في الهلاك . وقد جاءت مستقيمة كمورد الماء الذي يغذي الابدان والشريعة بدورها تحيي النفوس والعقول ، الشريعة الاسلامية هي الاحكام التي شرعها الله سبحانه لعباده سواء تعلق الأمر بالعقائد أو العبادات والمعاملات والاخلاق وتنظم الحياة بين الناس وعلاقة الناس بربهم ومع بعضهم وتحقق سعادتهم في الدنيا والآخرة ، وهي كل ما شرعه الله عز وجل لعباده على الأرض من أحكام وقواعد ونظم وأوامر أخرجهم بها من ظلمات الجهل والضلال إلى نور العلم والمعرفة والدراية سعياً لتحقيق الغاية المتمثلة. الحياة بأفضل صورة، أو إقامة الحياة على أساس متين، وتحديد الطريق الصحيح لتمكين الناس من تحقيق مصالحهم بصورة سليمة .
في تعريف الدين الدين أحد أهم مكونات شخصية الإنسان وتفكيره وسلوكه وتعامله .

  • الفرق بين الشريعة الاسلامية ومدلولات أخرى
الشريعة والاسلام : الشريعة هي الأحكام التي شرعها الله سبحانه لعباده على لسان الرسل ، أما الاسلام لغة فهو الانقياد والخضوع الله سبحانه اعتقادا بالقلب وعملا بالجوارح ، وشرعا هو الايمان بالله واتباع أوامره واجتناب نواهيه ، وبمعناه الخاص اسم الدين الذي ختمت به الشرائع وهو مرادف الشريعة الاسلامية ، وبمعنى آخر هو اركان الدين الخمسة .
الشريعة والدين : لفظ الشريعة الاسلامية والدين له معنى واحد فالأحكام الالاهية دين ومن حيث أنها تكتب وتملى فهي ملة ومن حيث أنها مشروعة فهي شريعة.
الشريعة والفقه : الفقه هو معرفة باطن الشيء والوصول إليه ، يقال أوتي فقها في الدين يعني فهما فيه ، والفقه أخص من الفهم ، وهو معرفة النفس ما لها وما عليها وهو عموما يشمل جميع الأحكام الشرعية في الاسلام سواء كانت بنص صريح ام باجتهاد .

الفقه الاسلامي

تعريف الفقه لغة من أبسط معاني الفقه في اللغة هو الفهم، فيُقال فَقِهَ فُلان أي فهم ، وأفقه فُلاناً أي أفهمه، ويُقال فقة الشيخ المسألة أي عقلها وفهمها وعرف المراد منها، وقد وصف الله سُبحانه وتعالى تسبيحَ كُلّ شيءٍ له وبأننا لا نفهم هذا التسبيح بقوله: ( ولكن لا تفقهون تسبيحهم) أي لا نفهم هذا التسبيح.
يقع المعنى الاصطلاحي للفقه على نوعين وهما أن يُقصد به معرفة الأحكام الشرعيّة المُتعلّقة بأعمال المُكلّفين وأقوالهم، والمكتسبة من أدلتها التفصيلية، وهذه الأدلة التفصيلية هي القُرآن الكريم والسُنّة النبوية وما يتعلّق بهما من إجماع واجتهاد، فهذه المعرفة للأحكام الفقهيّة تكون بالفهم الصحيح لمصادر التشريع الرئيسية، وهيَ كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهوَ القُرآن الكريم، وأيضاً سُنَّةُ النبيِّ مُحمّد عليهِ الصلاة والسلام، وهي كُلّ ما ورد عنه صلّى اللهُ عليهِ وسلّم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة، وكذلك اجتهاد أصحاب العلم من الصحابة والتابعين والعُلماء الربانيين، وإجماع الأمة بعلمائها على حُكم من الأحكام. أمّا المعنى الآخر للفقه فالمقصود به الأحكام الشرعيّة نفسها، أي أنَّ أحكام الصلاة وأحكام الصيام والزكاة والحج والبيوع والمعاملات بشتى أنواعها هي فقه، فكُلّ هذه الأحكام وغيرها يُقصد بها أيضاً فقه، ففي الأمر الأوّل
أنتَ تعرف الأحكام الشرعيّة وتفهمها وهذا فقة ، والحُكم نفسه هو أيضاً فقه.

  • اقسام الفقه الاسلامي :

يقسم الفقه إلى عبادات ومعاملات ، فما كان مع الله فهو فقه عبادة ، وأما الناس فلهم فقه المعاملة الحنفية قسموه إلى : فقه عبادات وفقه معاملات و فقه مزاجر أما ابن نجيم فقسمه إلى فقه اعتقادات و عبادات و معاملات و مزاجر و أدب الشافعية قسموه إلى فقه عبادات وفقه مناكحات وفقه معاملات وفقه عقوبات شمولية الفقه الاسلامي لجميع فروع القانون الوضعي بما أن الاسلام دين ودولة فقد تكفل التشريع الاسلامي بجميع نواحي الانسان ، سواء علاقته بالناس أو مع ربه أو مع الخارج ، وقد تأثر به الكثير ، نظرا لشموليته وهو نظام متطور يراعي حياة الناس المتجددة ، كما أنه خالد لأنه من الله وليس موضوعا من عقل البشر.

  • القانون المدني
أولا : أحكام الأسرة : ويتناول الزواج الطلاق الوصاية الحجر الارث الرضاعة النفقة الحضانة الوصية فالإسلام يهتم بالإنسان منذ ولادته إلى غاية مماته وتفريق ميراثه .
ثانيا : المعاملات المالية : سواء مدنية أم تجارية فتجد الفقهاء يرتبون أبوابها البيع القرض الاجارة الوديعة العارية الشفعة الشركة الوكالة الكفالة التعدي على أموال الغير وقد كانوا يحكمون العرف لتطلب التجارة السرعة

  • القانون الداخلي العام
  1. القانون الدستوري : وهو أسمى قانون في الدولة وينظم أسس الدولة وعلاقة الحاكم بالمحكوم
  2. القانون المالي : ويراد به مجموع الأحكام التي تنظم مالية الدولة ، وقد بحثه الفقهاء في عدة مواضع في كتب الفقه الاسلامي ككلامهم عن الزكاة والخراج والعشر والركاز والمعادن وبيت المال حيث نظم العلاقات المالية بين الناس والدولة والفقراء والاغنياء كما نظم موارد بيت المال وكيفية صرفه وهو ما يطلق عليه اليوم المالية العامة
  3. القانون الاداري : وهو الاحكام التي تنظم السلطة الادارية وسلطتها على المرافق العامة واختصاصات الإدارة في الدولة .
  4. القانون الجنائي : وهو مجموع الأحكام التي شرعت لحفظ حياة الناس وأموالهم حيث يحدد العقوبات لكل جريمة والإجراءات الواجب اتباعها لملاحقتهم ومتابعتهم ومعاقبتهم .

  • القانون الخارجي العام
ويعرف في الفقه الاسلامي بالسير والمغازي ، وهي الأحكام التي تنظم علاقة الدولة مع سائر الدول في زمن الحرب أو السلم أو المعاهدات والاتفاقيات .
المرافعات والإثباتات وهي الإجراءات المتبعة في رفع الدعوى وإجراءات تطبيق الأحكام القضائية ويعرف اليوم باسم قانون المرافعات .

أنواع التشريع :

  • التشريع الوضعي و التشريع السماوي :
  1. التشريع الوضعي : مجموع القواعد القانونية المكتوبة وغير المكتوبة التي يضعها الانسان لتنظيم شؤونه ، مصدرها الانسان وإرادته الحرة ، وهي قواعد تتغير حسب حاجاته باختلاف الزمان والمكان ، فالتشريع الوضعي ينشأ في القبيلة أو الجماعة أو الأمة صغيرا ثم يكبر معها ويراعي تطورها فهي من تصنعه وتطوره على حسب رغبتها .
  2. التشريع الاسلامي : ولد شابا ونزل من عند الله كاملا شاملا ولم يأت لقبيلة محددة بل لكل المسلمين ، جاء التشريع الاسلامي لكل زمان ومكان ودولة وبلاد ، وهو غير قابل للتغيير والتعديل ، لكن له مرونة تراعي الزمان والمكان دون أن تفقد التشريع جوهره وغايته . والتشريع الاسلامي ينقسم إلى نوعين ، تشريع إلاهي محض ويشمل القواعد التشريعية المستمدة من النصوص الثابتة وهي القرآن والسنة ، فهذه القواعد التشريعية ثابتة ومستمرة ، وهناك تشريع اسلامي وضعي ويشمل آراء الفقهاء والمجتهدين ، فهذه الاجتهادات لا تتسم بالثبات والاستمرار بل هي صالحة لمكان معين وزمن معين ، هذا الاجتهاد هو فهم خاص يحتمل الصواب، وهو يعبر عن حاجة من حاجات المسلمين لم يرد فيها نص قاطع الدلالة ، وهو ما يعبر عنه والخطأ بالمصالح المرسلة .

  • اختلاف التشريع الاسلامي عن التشريع الوضعي :
  1. من حيث الطبيعة : التشريع الوضعي مصدره صنع البشر ، لذلك فهو ناقص وعاجز ودائما بحاجة إلى تعديل أما الشريعة الاسلامية فهي من عند الله وهي محيطة بكل شيء وليست بحاجة للتغيير أو التبديل لأن قدرة الله تتجلى فيها بعلمه بكل شيء .
  2. من حيث النشأة : القانون الوضعي نشأ في حضن القبيلة وتطور معها على مر تاريخها ملبيا حاجاتها ، فهو ساير التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي الحاصل في المجتمعات ، أما الشريعة الاسلامية فلم تنشأ في حضن المجتمع ولم تتطور معه ، ولم تكن متفرقة وتجمعت ولم تكن قليلة وكثرت ولا قاصرة فتطورت ، بل أوحاها الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، فاكتملت يوم نزلت الآية اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ، فظلت مستقرة صالحة لكل زمان ومكان .
  3. من حيث الغاية : القانون الوضعي غايته تنظيم شؤون المجتمع على ضوء التطورات وإحقاق العدل وحفظ التوازنات بين الحقوق والالتزامات وحماية حقوق الافراد والمجتمع بينما الشريعة الاسلامية غايتها إصلاح الفرد نفسيا وخلقيا وتوجيهه نحو الخير والاحسان والعبادة والايمان بالله ثم إصلاح المجتمع وتحقيق العدل والأمن وصيانة الكرامة الانسانية

مقاصد الشريعة وخصائصها

  • المقاصد الضرورية :

أولا حفظ الدين :

وهو الاحكام والعقائد التي شرعها الله سبحانه ، لهذا وجبت الحرب على من يمنع تبليغ دعوة الله وشرعت عقوبة الردة لمن يبدل دينه ، والردة تكون بالقول أو بالفعل الشنيع في حق الاسلام ويمهل المرتد ثلاثة أيام ليتوب وإلا يقتل . قال تعالى : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) [الروم: 30].
وسائل حفظ الدين : كفالة حرية العقيدة والتدين وحمايتها فالإسلام لا يكره أحدا على اعتناقه دينا معينا ، ويسمح بتعايش مختلف الأديان داخل دياره وفي رحاب دولته ، ويترك الحرية لأهل الأديان في عقائدهم وممارستهم التعبدية وتصرفاتهم المدنية كما قال صلى الله عليه وسلم ( لهم ما لنا و عليهم ما علينا ) قال تعالى: ( وَلَوْلَا دَفَاعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ) [الحج: 40].
ثانيا : حفظ النفس :

فمن ضروريات الحياة الإنسانية عصمة النفس وصون حق الحياة ، هكذا جاء تحريم قتل النفس بغير حق ، وشرع لحمايتها القصاص والكفارة والدية وعدم القائها في التهلكة ودفع الضرر عنها بكل وسيلة وكل أسباب بقاء النسل البشري من زواج و توالد وأكل وشرب وسكن و قد شرع الإسلام عدة وسائل للمحافظة على النفس شرع الزواج من أجل التناسل ، والتكاثر وإيجاد النفوس لتعمر العالم، وتشكل بذرة الحياة الإنسانية في الجيل الخالف، وقد نوه الإسلام بالعلاقة المقدسة بين الزوجين واعتبرها آية من آيات الله ) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) [الروم: 21.[
ثالثا : حفظ العقل :
للعقل في الإسلام أهمية كبرى فهو مناط المسؤولية، وبه كرم الإنسان و فضل على سائر المخلوقات ، وتهيأ للقيام بالخلافة في الأرض وحمل الأمانة من عند الله ووسائل حماية العقل في الشريعة الاسلامية أنه حرم كل ما من شأنه أن يؤثر على العقل ويضر به أو يعطل طاقته كالخمر و الحشيش وغيرها قال تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة: 90. وشرع العقوبة الرادعة على تناول المسكرات، وذلك لخطورتها وأثرها البالغ الضرر على الفرد و المجتمع .

رابعا : حفظ النسل :
و یراد به حفظ النوع الإنساني على الأرض بواسطة التناسل ذلك أن الإسلام يسعى إلى استمرار المسيرة الإنسانية على الأرض .
ومن أجل تحقيق هذا المقصد شرع الإسلام المبادئ والتشريعات التالية : شريعة الزواج : فقد شرع الإسلام الزواج ورغب فيه واعتبره الطريق الفطري النظيف الذي يلتقي فيه الرجل بالمرأة لا بدوافع غريزية محضة، ولكن بالإضافة إلى تلك الدوافع، يلتقيان من أجل تحقيق هدف سام نبيل هو حفظ النوع الإنساني، وابتغاء الذرية الصالحة التي تعمر العالم وتبني الحياة الإنسانية وتتسلم أعباء الخلافة في الأرض لتسلمها إلى من يخلف بعدها حتى يستمر العطاء الإنساني، وتزدهر الحضارة الإنسانية في ظل المبادئ النبيلة والقيم الفاضلة.

خامسا : حفظ المال :
المحافظة على أموال الناس ، و فرض عقوبة على السرقة و الغش وأكل أموال الناس بالباطل وإتلاف مال الغير ، كما نظم البيع والتجارة بالعدل والحق ، أيضا أباح الملكية الفردية، وشرع في ذات الوقت من النظم و التدابير ما يتدارك الآثار الضارة التي قد تنجم عن طغيان هذه النزعة من فقدان للتوازن الاجتماعي، وتداول للمال بين فئة قليلة من المجتمع، ومن النظم التي وضعها لأجل ذلك نظم الزكاة و الإرث و الضمان الاجتماعي، ومن ثم اعتبر الإسلام المال ضرورة من ضروريات الحياة الإنسانية. وشرع من التشريعات والتوجيهات ما يشجع على اكتسابه وتحصيله، ويكفل صيانته وحفظه و تنميته، وذلك على النحو التالي : رفع منزلة العمل وأعلى من أقدار العمال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أكل أحد طعاما قط خيرا من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده ).

  • المقاصد الحاجية :

وهي الأمور التي تسهل حياة الناس وترفع الحرج عنهم مثل التيمم والفطر في رمضان وأكل الميتة وإباحة المساقات والمزارعة وغيره. وهي تلي المقاصد الضرورية، فتأتي في المرتبة الثانية، وهي مفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب، فإذا لم تراع دخل على المكلفين الحرج والمشقة، ولكن لا يبلغ مبلغ الفساد العادي المتوقع في المصالح العامة ، والمقصود بالمقاصد الحاجية هو ما تحتاج الأمة إليه لاقتناء مصالحها، وانتظام أمورها على وجه حسن، بحيث لولا مراعاته لما فسد النظام، ولكنه كان على حالة غير منتظمة فلذلك كان لا يبلغ مرتبة الضروري ، و تجري الحاجيات في العبادات والعادات والمعاملات والجنايات على ما وجد في الضروريات من حفظ الكليات الخمس فبالنسبة للدين يظهر في التيمم والقصر والجمع، وفي الصوم بالفطر في السفر والمرض وبالنسبة للنفس يظهر في الرخصة للمضطر في أكل الميتة، وشرعية المواساة بالزكاة، وإباحة الطلاق والخلع وبالنسبة للمال يظهر في الترخيص في الغرر والسلم والقرض والشفعة ، وبالنسبة للعقل يظهر رفع الحرج عن المكره، وعلى الخوف على النفس عند الجوع والعطش والمرض.

  • المقاصد التحسينية :

ترجع في أصلها إلى مكارم الأخلاق وهي مكملة ، كالطهارة وعدم الخطبة فوق الخطبة والزينة عند المسجد وأداب الأكل والشرب والسفر ، تقع المقاصد التحسينية في مرتبة مكملة للمرتبتين التي قبلها من الضروريات والحاجيات، فهي الأخذ بما يليق من المحاسن ومكارم الأخلاق، مما يضفي على الشريعة أكمل الأوصاف، وما يتناسب في تحقيقها على أبهج الصور والعادات ما يميزها ويرتقي بالمكلفين أحوالاً. فهي تجري في العبادات والعادات والمعاملات والجنايات وعلى ما وجد في الضروريات والحاجيات من حفظ للكليات الخمس ، فبالنسبة للدين كالطهارات بالنسبة إلى الصلوات وأخذ الزينة من اللباس ، وبالنسبة للنفس كالرفق والإحسان، وآداب الأكل والشرب ، وبالنسبة للعقل كمباعدة الخمر ومجانبتها ، وبالنسبة للنسل كالإمساك بالمعروف، أو التسريح بالإحسان ، وبالنسبة للمال كأخذه من غير إشراف نفس، والتورع في كسبه واستعماله

خصائص الشريعة الاسلامية

يرجع تميز الشريعة الاسلامية إلى مصدر التشريع فهي تعتمد على الوحي الالاهي ، ثم مميزات أخرى وهي الشمولية و الوسطية والواقعية والثبات والمرونة .
  • اولا : ربانية المصدر :
بمعنى أن مصدرها هو الله سبحانه وتعالى ، كما أن أحكامها تهدف الى ربط الناس بخالقهم ، فهي الوحيدة التي لها الحق في أن تسود و تحكم ، عكس الشرائع الأخرى الوضعية ، وبناء على ذلك يجب على المؤمن أن يعمل بمقتضى أحكامها ، قال تعالى : ( وما كان لمؤمن والمؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمران يكون لهم الخيرة من أمرهم..) الأحزاب الأية 36 ، وقال ايضا ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) سورة النساء الأية 65 ، وقد نتج عن خاصية الربانية عدة نتائج أهمها : خلو أحكام الشريعة الإسلامية من أي نقص أو تناقض لأن منشئها هو الله صاحب الكمال المطلق فهي معصومة من الخطأ والزلل ، فهي شريعة عادلة لا تميل للحاكم على حساب المحكوم ، ولا تميز بين قوي أو ضعيف ، بل تُحرم الظلم وتحاسب عليه في الدنيا والأخرة ، أحكامها لها عند المؤمن هيبة لأنها من عند الله تعالى .
  • ثانيا : الشمولية :
زمانا و مكانا انسانا و "وأحكاما ، فمن حيث الزمان : انها شاملة لجميع الأزمنة لا تقبل نسخا أو تعطيلا ، فهي الحاكمة الى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وأما من حيث المكان فهي عالمية فلا تحدها حدود جغرافية فهي نور الله الذي يضيء جميع أرض الله ، من حيث الإنسان : وهذا مترتب عما قبله فعالميتها تقتضي كونها خطابا لجميع الناس فهي منزلة للخلق كافة وهي من عند خالقهم لقوله عز وجل ( وما أرسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) سورة النساء الأية 28 وقال (قل يا أيها الناس اني رسول الله اليكم جميعا..) سورة الأعراف الأية 158 وقال ( وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين سورة الأنبياء الأية107

  • ثالثا : الواقعية :
وتتجلى في اعتبار و مراعاة واقع المكلفين و مظهر ذلك تقرير انواع من الرخص والتخفيفات بجميع انواعها مثل اسقاط كإسقاط القبلة عن اصحاب الأعذار وتخفيف إبدال كالتيمم بدل الوضوء عند تحقق موجباته وتناول المحرم عند الضرورة في مثل قوله تعالى ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه..) سورة البقرة الأية 173
  • رابعا : الوسطية :
يراد بها التزام أحكام الشريعة الإسلامية لنقاط الإتزان بين جميع المتقابلات فهي وسط بينها هذا ما يكسبها القوة والدوام ، فقد نصت الشريعة على التملك الفردي المنضبط وسطا بين الغائه وتحريره من كل القيود ، وحثت على الشجاعة وهي وسط بين الجبن) والتهور) وامرت بالإنفاق وهو وسط بين البخل والتبذير في قوله تعالى ( ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) سورة الإسراء الأية29

  • خامسا : الجمع بين الجزاء الدنيوي و الأخروي :
تتفق الشريعة مع القانون الوضعي في توقيع الجزاء على المخالف لأحكامها في الدنيا في حين لا تمتد يد القانون الوضعي الى معاقبة الإنسان في آخرته، بينما تعاقب الشريعة مخاليفها في الآخرة ، فهي تجمع بين الجزاءين معا
  • سادسا : الجمع بين الثبات والمرونة :
يتجلى الثبات في أصولها وكلياتها و قطعياتها ، وتتجلى المرونة في فروعها وجزئياتها ، فالثبات يمنعها من الميوعة والذوبان في غيرها من الشرائع والمرونة تجعلها تستجيب لكل المستجدات العصرية ومن مظاهر مرونتها وتطورها خلوها من الطقوس والشكليات وموافقتها للفطرة الإنسانية ووضعها سبلا لعلاج ما يجد من الحكام عن طريق الاجتهاد .
  • سابعا : الموازنة بين مصالح الفرد والجماعة :
ان الشريعة على خلاف القوانين الوضعية توازن بين مصالح الفرد والجماعة فلا تميل الى الجماعة على حساب الفرد أو العكس ، فهي تحفظ مصالح العباد بحفظها لنظام الأمة ، وتقطع أصول الفساد غايتها حفظ مصالح العباد سواء الضرورية منها او الحاجية أو التحسينية ، ثم أنها شريعة مستقلة عن باقي الشرائع أو النظم القانونية البشرية ، لأن نظرتها الأساسية وتصورها مختلف تماما عن هذه النظم والقوانين البشرية الوضعية ، فهي تمزج بين الأحكام العملية و الأخلاق .

مصادر الشريعة الاسلامية

لكل قانون مصادر ، سواء كان وضعيا أم سماويا ، يستقي منها إلزاميته ويقصد بمصادر التشريع الأدلة الشرعية التي تؤخذ منها الأحكام والتي يرجع إليها في كل طارئ أو نازلة ، أو لنقل هي المنبع التي تستقي منها الشريعة أحكامها .

تنقسم هذه المصادر إلى مصادر أصلية وهي الكتاب والسنة ، ثم مصادر أخرى تبعية كالإجماع والقياس ، وهناك من قسمها إلى مصادر نقلية وهي الكتاب والسنة وعمل أهل المدينة وقول صحابي ، ومصادر عقلية وهي القياس والاستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع والاستصحاب والعرف ، والحقيقة أن الأدلة النقلية لا تنفك عن الأدلة العقلية لأنه ينظر إليها بالعقل الذي هو آلة الفهم والادراك . فكلا الدليلان متلازمان فلا نقل بلا عقل ، ولا عقل بلا نقل ، وهناك تقسيم آخر وهو مدى اختلاف ائمة المسلمين ، فهناك ما اتفق عليه ائمة المسلمين وهو الكتاب والسنة ، وهناك ما اتفق عليه جمهور ائمة المسلمين وهو الاجماع والقياس ، وهناك ما اختلف فيه علماء المسلمين مثل العرف والاستصحاب والمصالح المرسلة وشرع ما قبلنا ومذهب الصحابي .

مصادر التشريع هي الأدلة الشرعية التي تستنبط منها الأحكام الشرعية والأدلة وفي الاصطلاح : هو ما يتوصل بصحيح النظر فيه إلى حكم شرعي عملي مطلقاً. أي سواء أكان الاستنباط على سبيل القطع أم على سبيل الظن ، فيصير الدليل قسمين : قطعي الدلالة، وظني الدلالة. والتشريع الإسلامي هو مجموعة الأنظمة التي شرعها الله تعالى للأمة الإسلامية في القرآن الكريم، أو في السنة النبوية، وكذلك باجتهادات الفقهاء، فما ثبت فيه نص شرعي يقال له شريعة، وما تقرر بالاجتهاد في ضوء النص يقال له : " ولا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله ، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما سواهما تبع لهما"


  • المصادر الأصلية

أولا : القرآن
هو الكتاب المقدس الذي أنزله الله سبحانه على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، معناه من عند الله ، ومبناه من عند الرسول ، والسر في إنزاله بلفظه ومعناه أنه الكتاب الأخير لخاتم الرسل ، أنزله ليكون دستور الأمة إلى يوم الدين ولو أنزله بمعناه فقط لكان عرضة للتبديل والتغيير .
نزول القرآن منجما : مقسما على مدى ثلاث وعشرين سنة ولم ينزل دفعة واحدة لتثبيت قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا كان القرآن نزل منجما حسب الحوادث والمناسبات فإن جبريل الأمين هو الذي كان يبين ما ينزل من السور حتى يحفظ مرتبا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض ما عنده من القرآن على جبريل ، وبقي القرآن في صدور الصحابة رضوان الله عليهم مرتبا كما كان إلى حين معركة اليمامة حيث استشهد عدد كبير من الصحابة فأشار عمر على ابي بكر أن يجمع القرآن فجمع من الصحائف والأديم وكتب في المصحف فدعا أبو بكر زيد بن ثابت وأمره بجمع القرآن حيث كان يحفظ القرآن عن ظهر قلب من ايام رسول الله صلى الله عليه وسلم .
خصائص القرآن :

أنه نزل لفظا ومعنى بلسان عربي مبين ونقل إلينا بالتواتر من جماعة من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا جماعة عن جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب والتواتر محقق في جميع مراحل القرآن حتى وصل إلينا كاملا غير منقوص .

  1. لفظ القرآن ومعناه من عند الله وليس من عند الرسول ، قال تعالى " وإنه لتنزيل رب العالمين ، نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين " .
  2. نقل القرآن إلينا متواترا ، والتواتر هو نقل القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقوام لا يحصون ولا يتصور تواطؤ كلهم على الكذب ، لكثرة عددهم وتباين أماكنهم ، فالتواتر محقق في جميع مراحل نقل القرآن ، و الاصوليون يفيدون أن التواتر يفيد اليقين والعلم القطعي .
  3. وصل القرآن إلينا دون زيادة أو نقصان كما أنزل منذ اليوم الأول رغم مرور السنين وتطور الحضارات وتطور التقنيات ووسائل الاتصال .
  4. هو كتاب معجز ، فقد تحدى فصحاء العرب وعجزوا عن تقليده ، فهو يعلو ولا يعلى عليه ، أسلوبه في التصوير والتعبير فريد معجز ، جامع مانع مليء بأوجه البلاغة .
  5. هو حجة على الناس جميعا ، فالقرآن هو أساس الدين وحبل الله المتين الذي أمر الله الناس بالتمسك به ، قال تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا .."

أسس التشريع القرآني

  1. عدم الاحراج ، وإزالة التعنت والشدة ، قال تعالى " ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم وقال أيضا " يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " .
  2.  تقليل التكاليف ، لأن كثرة التكاليف حرج .
  3. التدريج في التشريع ، من ذلك التدرج في تحريم الخمر ففي البداية نزلت الآية " فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " ثم نزلت آية أخرى تنهى عن شرب الخمر قبل الصلاة في سورة النساء " يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى .." ثم جاء التصريح بالنهي في سورة المائدة " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون "

الحياة القانونية التي رسمها القرآن

  1. في مجال القضاء : أمر القرآن بالعدل و الشهادة بالقسط ، قال تعالى " وإذا حكمت فاحكم بينهم بالقسط "
  2. في مجال العقود : أمر القرآن بالوفاء بالعهود ، قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا اذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " وقال تعالى " وأوفوا بالعهد
  3.  في مجال الاخلاق المرتبط بالقانون : من ذلك تحريم الربا والمضاربات والغموض في العقد
  4. في مجال الاسرة : حرم استعباد المرأة واعتبارها بضاعة تورث ، وأعطاها حقوقا لم تعرفها البشرية قبل ذلك
  5.  في الجانب الجنائي : جاء النهي عن السرقة والزنا والقذف ، مع إمكانية العفو
  6. في الجانب الأمني وحالة الحرب : فجاء تحديد من يجب قتاله ومن لا يجب في حقه ذلك ، ثم تحديد أخلاقيات الحرب وكيفية معاملة الاسرى .

أسلوب القرآن في بيان الأحكام
أولا : أسلوب طلب الفعل

  1. صريح الأمر : " إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى
  2.  الإخبار بأن الفعل مكتوب على المخاطبين " كتب عليكم القصاص .."
  3.  الإخبار بأن الفعل مكتوب على الناس كافة " وعلى الناس حج البيت .."
  4.  جعل الفعل المطلوب على المطلوب منه " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء "
  5.  أن يطلب بالصيغة الطلبية " حافظوا على الصوات والصلاة الوسطى "
  6.  التعبير بفرض ، " قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت ايمانهم "
ثانيا : أسلوب القرآن في طلب الكف عن الفعل
  1. صريح النهي ، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم .. "
  2.  التحريم ، " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن .. "
  3.  عدم الحل ، " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها "
  4.  صيغة النهي ، " ولا تقربوا ما اليتيم ..".
  5.  نفي البر عن الفعل ، " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب .. "
  6.  نفي الفعل ، " فإن انتهوا فلا عدوان الا على الظالمين
  7.  ذكر الفعل مقرونا باستحقاق الاثم ، " فمن بدله فإنما إثمه على الذين يبدلونه '
  8.  ذكر الفعل مقرونا بالوعيد ، " والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب .."
  9.  وصف الفعل بأنه شر ، " ولا تحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله هو خيرا لهم "
ثالثا : أسلوب القرآن في بيان الحكم المخير بين الفعل والترك
  1. لفظ الحل مسندا إلى فعل أو متعلقا به ، " أحلت لكم بهيمة الأنعام "
  2.  نفي الاثم ، " فمن خاف من موص جنفا أو اثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه
  3.  نفي الجناح ، " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا اذا ما تقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا "
إعجاز القرآن :
هو إعجاز لغيره وإثبات له ، وهو معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو معجز بلفظه ومعناه ، لفظا ناحية بلاغته واسلوبه ومن ناحية معناه أخباره عن الأمم السابقة وحوادث في المستقبل وما زال العلماء يتكشفون ألغازه إلى يومنا هذا تحدى العرب والعجم أن يأتوا بآية واحدة منه رغم أن العرب كانوا أهل بلاغة ولغة .

أنواع أحكام القرآن وحجيته :
أجمعت الأمة على أن القرآن المصدر الأول للتشريع فإذا نص القرآن على حكم وجب العمل به والسنة في المرتبة الثانية في التشريع ودلالته إما لفظية واضحة أو ظنية . وبيان هذه الأحكام جاء على ثلاثة أنواع :

  1. البيان الكلي : وهو الذي يحدد المعالم العامة لأمر ما وترك تفصيلها لأهل العلم حسب الظروف الزمانية والمكانية . مثال وشاورهم في الأمر .
  2. بيان إجمالي : وهو ذكر الأحكام بصيغة مجملة ، مثال : أقيموا الصلاة ، فلم يذكر كيفية الصلاة ، لكن السنة النبوية تشرح الكيفية ، صلوا كما رأيتموني اصلي .
  3. بيان تفصيلي : وهو ذكر الأحكام مفصلة وغير مجملة ، مثال : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين

  • المصدر الثاني من مصادر التشريع الاصلية :
أولا : تعريف السنة :

لغة هي الطريقة المتبعة والسيرة المستقيمة ، سنة الله في الذين خلوا من قبل ، من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ، واصطلاحا هي ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير . وهي تقابل البدعة . وفي اصطلاح العلماء هي ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه شريطة أن يثبت عليه صلى الله عليه وسلم ثبوتا صحيحا ، أما في اصطلاح الاصوليين فهي تطلق على كل قول أو فعل أو تقرير منسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أثبت حكما شرعيا لأن موضوع الأصوليين هو الدليل الشرعي لإثبات الأحكام .
ثانيا : تقسيم السنة

  1. السنة القولية : هي كل ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقوال لها صفة التشريع في مختلف المناسبات ، وغير ذلك من النواهي والأوامر والأخبار التي تتضمن حكما شرعيا .
  2. السنة الفعلية : وهي افعال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل كيفية الصلاة والحج أما بعض الأمور الخاصة به فلا تلزم أحدا ولا تعتبر تشريعا كطريقة أكله وشربه ونومه وتدخل في الأمور المستحسنة فعلها لكنها غير ملزمة ، وأيضا خبرته في الحرب وتنظيم الجيوش ، ثم ما كان خاصا به مثل صيام الدهر والتزوج بتسعة نسوة والتهجد الطويل بالليل .
  3. السنة التقريرية : وهي سكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إنكار قول أو فعل بين يديه فهذا السكوت يدل على الجواز ، مثال صلاة بني قريضة .
ثالثا : أنواع السنة من حيث سندها
  1. السنة المتواترة : التواتر لغة هو تتابع شيئين ، واصطلاحا هو خبر اقوام يستحيل تواطؤهم على الكذب ، والسنة المتواترة هي التي يرويها رواة كثيرون يستحيل تواطؤهم على الكذب ، ونقلت جماعة عن جماعة حتى وصلت إلينا والتواتر نوعان معنوي وهو مما اتفق رواته على معناه ، وتواتر لفظي اتفق رواته في لفظه
  2.  السنة المشهورة : وهي ما اشتهر من السنة ولكنه لم يبلغ حد التواتر
  3. سنة الأحد : لم تبلغ حد التواتر ولم تشتهر لكنها تفيد الظن الراجح بصحتها ويلزم العمل بها ، لكن تفاوت العلماء في مقدار العمل بها فمنهم من توسع في ذلك ومنهم من اشترط من أجل الأخذ بها مثل عدم تعارض مع الكتاب والسنة المتواترة والمشهورة
رابعا : حجية السنة ومنزلتها من القرآن
  1. حجية السنة : لا خلاف حول حجية السنة واعتبارها دليلا على حكم شرعي ومصدرا من مصادر الفقه الاسلامي يجب العمل بمقتضاها ، وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، وقد نفي الايمان عن من لم يحتكم إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن ما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم يشمل ما كان بقرآن أو سنة ولا بد من الإطمئنان والرضى بهما تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما ، كتاب الله وسنتي . قال تعالى "قل أطيعوا الله والرسول " .
  2. منزلة السنة من القرآن : السنة مصدر للتشريع ، لكن مرتبتها ثانية بعد القرآن ، فالمجتهد يبحث عن ا لحكم في القرآن فإن وجده أخذ به وإن لم يجده يحث في السنة ، ومنه حديث معاذ الذي بعث إلى اليمن فقال له بما تقضي قال بكتاب الله ، قال فإن لم تجد قال بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الحمد لله . وتقديم القرآن على السنة لا يعني أن هناك تعارضا بينهما بل تكون – مؤكدة لحكم القرآن أو شارحة لنصوص القرآن فتبين كيفية الصلاة وأن القاتل لا يرث رغم أنه في القرآن يرث ضعف الانثى ، - وقد تأتي السنة بحكم جديد لا يكون في القرآن .

  • المصادر التبعية :
أولا : الإجماع
تعريف الإجماع : لغة العزم والتصميم على الأمر ، فأجمعوا أمركم وشركاءكم " ، واصطلاحا هو اتفاق مجتهدي الأمة على حكم شرعي اجتهادي لا نص فيه .

أنواع الإجماع : صريح أو سكوتي ، الصريح أن يتفق المجتهدون بالقول أو الفعل على حكم شرعي مجتهد فيه ، أما السكوتي فأن يتكلم بالحكم مجتهد ويسكت الباقي من غير موافقة أو مخالفة البقية ، رغم أن البعض أنكره ، ويبقى الإجماع دليلا شرعيا ومصدرا للتشريع .

حجية الإجماع : اتفقوا على حجية الإجماع الصريح ، واختلفوا في حجية الاجماع السكوتي لأنه ليس له دلالة قطعية على الموافقة رغم أنه غالبا ما يكون بالموافقة لأن العلماء لا يخشون في الله لومة لائم فلا يعتبر أن يسكتوا عن أمر خاطئ ، ودلائل حجية الاجماع كثيرة منها قوله تعالى ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ، سورة النساء 83 ، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم فما رأه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وقال أيضا لا تجتمع أمتي على خطأ . وكلها تدل على حجية الإجماع .
ثانيا : القياس
تعريف القياس : لغة هو التقدير والمساواة ، واصطلاحا هو الحاق امر لم يرد حكمه بأمر ورد حكمه لاشتراكهما في علة الحكم . فهذا الالحاق يسمى قياسا ، والمسألة المنصوص على حكمها تسمى مقيس عليه والحكم الذي ورد في نص المقيس عليه تسمى حكم الأصل ، والمسألة التي لم يريد فيها نص ويراد إلحاقها بالمقيس عليه تسمى الفرع أو المقيس والعلة التي من أجلها شرع الحكم تسمى العلة
أركان القياس :

  1. المقيس عليه : الاصل وهي الحادثة التي ورد فيها نص
  2. المقيس : وهو الحادثة التي يراد معرفة الحكم فيها
  3. الحكم : الحكم الشرعي الثابت للأصل
  4. العلة : وهي الوصف الموجود في الاصل الذي من أجله شرع الحكم
حجية القياس :
يأتي القياس في المرتبة الرابعة ، وهو مختلف في كونه مصدرا للتشريع الاسلامي إلا أن العلماء جمهور ذهبوا إلى اعتباره مصدرا من مصادر التشريع الاسلامي ، من القرآن فردوه إلى الله والرسول ، يعني قيسوا عليه من أحكام القرآن والسنة ، وفي السنة في حديث معاذ فإن لم تجد فقال : أجتهد رأيي ولا آلو ، فقال الحمد وهذا يدل على إعمال العقل والإجتهاد والقياس من أعمال العقل بالقياس على أحكام مشابهة في القرآن والسنة .

تعليقات